اظهرت نتائج استفتاء يونيو من العام 2016 انقسامات عميقة بين القادة السياسيين والشارع البريطاني للمضي قدما في اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي
وبشكل لا يمكن تجاهله كان لبريطانيا منذ انضمامها للاتحاد البريطاني في 1973 فتورا اتجاه الاتحاد المشترك
بصرف النظر عن ذلك كانت نتيجة الاستفتاء صادمة بشكل غير متوقع، لم يكن الساسة في حالة استعداد الها مما اضطرهم الى اجراء المفاوضات لمغادرة الاتحاد الأوروبي
العملية التي بدأت مع الاستفتاء ستنتهي وهي غير واضحة وبكل المقاييس فانه من غير الطبيعي أن يكون باقي من الوقت 8 أسابيع تقريبا للموعد الرسمي من الخروج وبعد مضي نحو عامين ونصف من اجراء الاستفتاء لايزال الغموض يهيمن على طبيعة العلاقة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي بعد تاريخ 29 مارس.
حيث شهدت الفترة الماضية رفض البرلمان البريطاني الاتفاق الذي تم التفاوض عليه بين الحكومة البريطانية والاتحاد الأوروبي، والان تسعى رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي اقناع نظرائها الأوروبيين بالتفاوض على اتفاق جديد يحمل ترتيبات جديدة للخلاف المثير للجدل في الحدود ايرلندا الشمالية.
لا تزال هناك العديد من السيناريوهات المحتملة والمطروحة على الطاولة بشأن الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، هناك الخروج دون اتفاق او ما يعرف (الخروج الصعب)، او التفاوض والحصول على اتفاق جديد او ما يعرف (الخروج الناعم)، أو اجراء استفتاء جديد قد يؤدي الى بقاء المملكة المتحدة تحت مظلة الاتحاد الأوروبي.
لكن عد التوصل الى اتفاق بين الطرفين فان النتيجة الافتراضية لذلك سوف تكون خروج بريطانيا الصعب مع خسارة كافة أنواع الحقوق في التداول، والخدمات والتعاون والأموال والأشخاص الخ.
وينظر الى هذه الحالية على نطاق واسع بأنها ضارة جدا على الاقتصاد البريطاني والاوروبي من المحتمل أن يكون اليه تداعيات طويلة الأمد.
في النقيض فالاحتمال الاخر هو أن يعود الاتحاد الأوروبي وبريطانيا الى التفاوض من جديد على شروط العلاقة المستقبلية بين الطرفين.
هناك العديد من الصفقات المطروحة على الطاولة والتي تتراوح من ترتيب الأوضاع مثل النرويج او إقامة صفقة على غرار صفقة كندا مع الاتحاد الأوروبي.
لكنه من غير السهل التغلب على الفجوة بين الاحزاب السياسية داخل أروقة البرلمان البريطاني والتي في النهاية قد تؤدي الى مأزق يدفع نحو تأجيل المادة 50 في نهاية المطاف او الاتجاه نحو الخروج الصعب.
من المحتمل أن يكون هناك تأثير لكل سيناريو مختلف على الأسواق خاصة تلك الأكثر ارتباطا مثل مؤشر الفوتسي والجنيه الإسترليني.
اتضح ذلك تماما بعد نتائج استفتاء يونيو من العام 2016 عندما تكبد الإسترليني خسائر كبيرة في الوقت الذي تداول فيه الإسترليني حول مستويات 1.44 قبل الإعلان عن نتيجة الاستفتاء، انهار نحو مستويات 1.20 بحلول أكتوبر لنفس العام فاقدا نحو 15% من قيمته.
في الوقت الذي أضاف فيه مؤشر فوتسي 100 نحو 17% ما يقارب الالف نقطة خلال نفس الفترة.
الامر الذي يمكن ان نستنتجه من هذه الأرقام هو مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي يمثل مخاطر هبوطيه في الاقتصاد البريطاني وانعكاسها على الجنيه الإسترليني.
من ناحية اخري يدعم ضعف الإسترليني مؤشر الفوتسي والذي يتكون من عدة شركات ذات امتداد عالمي تقيم بالدولار، لذلك يترجم ضعف الباوند لنتائج أفضل لهذه الشركات وارتفاع قيمة المؤشر.
هذا يعطينا دلائل على كيفية ردة فعل الأسواق لكل سيناريو محتمل، كلما كانت العلاقة المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي أكثر سوءا، كلما زادت الضغوط على الجنيه الإسترليني وعلى المدى القصير على الأقل، في حين من المرجح أن يسير مؤشر الفوتسي 100 في الاتجاه المعاكس ويحقق مكاسب قياسية في ظل العلاقة العكسية مع الجنيه الإسترليني.
يتداول الإسترليني حاليا اعلى مستويات 1.29 وقت كتابه هذا المقبل بالقرب من مستوياته خلال العام 2016.
ماذا يعني هذا؟ هذا يعني أن كل شيء لم يتم تحدده بعد وجميع الخيارات لا زالت مطروحة على الطاولة ومع ذلك فأن الأسواق تميل نحو خيار عدم الاتفاق، في حين يعتقد العديد من المراقبين أن هناك تمديد لتفعيل المادة 50.
وهذا يفسر سبب تجاهل الجنيه الإسترليني الضجيج السياسي وعدم انخفاضه دون مستويات 1.28 اثناء التصويت على الاتفاق الذي عرضته حكومة تريزا ماي امام البرلمان، إضافة الى القرارات الهامة الأخرى التي اتخذها المشرعون في مجلس العموم البريطاني.
ويعد استقرار الإسترليني حول مستويات 1.30 امام الدولار تعبير عن حالة تفاؤل بعض المراقبين مع الأخذ بعين الاعتبار.
وبالأخذ بعين الاعتبار حول عملية الخروج الصعب من الاتحاد الأوروبي قد نري الإسترليني يتداول دون مستويات 1.10 دولار، في حين من المتوقع أن يسجل ارتفاعا في حال تم الاتفاق على خروج سلس نحو مستويات 1.40 دولار ومن الممكن أن يواصل الارتفاع نحو مستويات 1.50 دولار وأكثر.
هذا التقرير حرر بقلم ريكاردو ايفانجيليستا، كبير المحللين في شركة اكتيف تريدس للوساطة المالية في لندن، والتي أطلقت مؤخرا منصة تداول بعنوان اكتيف تريدر