دبي (رويترز) - تحتاج السعودية إلى أسعار نفط أعلى من أجل تنويع موارد اقتصادها بدلا من الاعتماد على الخام.
من ديفيد باربوشيا
دبي (رويترز) – تحتاج السعودية إلى أسعار نفط أعلى من أجل تنويع موارد اقتصادها بدلا من الاعتماد على الخام.
ويقول ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إن برنامجا بتريليونات الدولارات، يستهدف تنويع مصادر الدخل، سيتطلب أن تقلص شركات تابعة للدولة توزيعات الأرباح التي تدفعها للحكومة من أجل تعزيز الإنفاق الرأسمالي.
ولم يتضح بعد حجم خفض توزيعات شركات مثل مجموعة أرامكو السعودية للنفط، التي كانت توزيعات أرباحها البالغة 75 مليار دولار العام الماضي ضرورية لدعم إيرادات الدولة، لكن محللين يقولون إن أي تقليص سيتطلب تعويضا على الأرجح من أسعار نفط أعلى.
وقال جان ميشيل صليبا، اقتصادي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى بنك أوف أمريكا، في مذكرة بحثية “إذا خُفضت التوزيعات، فسيدعم سعر أعلى للنفط تحويلات أرامكو إلى الدولة عبر الضرائب ورسوم الامتياز كبديل”.
يجعل هذا إيرادات النفط في مركز إستراتيجية المملكة التي تستهدف إنفاقا محليا يبلغ 27 تريليون ريال (7.2 تريليون دولار) بحلول 2030.
ويعني حجم خطة الاستثمار أن السعودية، أكبر منتج في أوبك، قد تحتاج إلى كبح الإمدادات خلال السنوات المقبلة لدعم أسعار النفط.
وقالت مونيكا مالك، كبيرة الاقتصاديين لدى بنك أبوظبي التجاري، إن هذا لوحظ بالفعل في أوائل 2021 مع تنفيذ المملكة تخفيضات إنتاج أحادية وإبقائها الإنتاج ثابتا في أبريل نيسان.
وأضافت “تمكنت السعودية من الإبقاء على تماسك مجموعة أوبك+ حتى الآن، لكن كانت هناك بعض المؤشرات على ضغط داخلي وخارجي أكبر لزيادة إنتاج المجموعة من مايو أيار”.
وتضم أوبك+ منظمة أوبك وحلفاء منهم روسيا.
ويمكن أن تفوق المنافع المالية لارتفاع أسعار النفط الأثر الواقع على الاقتصاد نتيجة لخفض إنتاج الخام.
وقال متحدث باسم وزارة المالية إن لدى المملكة وأوبك+ رؤى نظر للوقت الحالي وللمدى الطويل بشأن إبقاء أسعار النفط مستقرة “لمصلحة جميع الأطراف المعنية” وإنهما ستواصلان التعامل مع الأحداث العالمية ومشاكل الإمداد والطلب بما يتفق مع هذا الهدف.
وفي حين يعود للشركات المشاركة في البرنامج الجديد أمر تقدير سبل تمويل استثماراتها، قال المتحدث إن الوزارة تتوقع مجموعة من مسارات التمويل “تكون توزيعات الأرباح فيها واحدة من خيارات شتى مثل القروض الميسرة والديون وأدوات التمويل الأخرى”.
تحويل الإنفاق
بعد تضررها كثيرا من انخفاض إيرادات الخام وأزمة فيروس كورونا العام الماضي، خفضت الحكومة السعودية ميزانيتها للعام 2021 نحو سبعة بالمئة لكبح عجز ارتفع إلى ثلاثة أمثاله تقريبا العام الماضي ليبلغ 12 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، من 4.5 بالمئة في 2019.
وهي تعتزم خفض المصروفات إلى 941 مليار ريال في 2023 من 990 مليارا هذا العام، وبالتالي فإن هدف الأمير محمد لإنفاق حكومي يبلغ عشرة تريليونات ريال بين 2021 و2030 يشير إلى أن إنفاق العام الجاري سيظل دون تغير في المتوسط على مدار السنوات العشر القادمة.
وقد يؤدي هذا إلى ضغوط على خزينة الدولة.
وتتوقع وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية عجزا ماليا نحو 40 مليار دولار هذا العام، على افتراض سعر نفط 59 دولارا للبرميل في المتوسط، ومتوسط إنتاج 8.7 مليون برميل يوميا وإنفاق تريليون ريال.
قال كريسيانيس كروستينس المدير في فريق التصنيفات السيادية لدى فيتش إن الحكومة ستحتاج سعرا للنفط عند 76 دولارا للبرميل لضبط ميزانيتها هذا العام، لكن في ظل سياسة التوزيعات الحالية، ومع تعافي الإنتاج، قد ينخفض السعر الذي يحقق تعادل الإيرادات والمصروفات إلى نحو 60 دولارا للبرميل.
وتابع “لذا يبدو من الواضح بالنسبة لي أن تحقيق خطط الإنفاق تلك، مع قبول خفض في توزيعات أرباح أرامكو، يتطلب أن تجني الحكومة إيرادات غير نفطية أعلى أو أسعارا/إنتاجا أكبر للنفط أو إدخال بعض التعديلات على هدفها للتوزان المالي بحلول 2023”.
كان استطلاع أجرته رويترز الأسبوع الماضي أظهر أن أسعار النفط ستستقر عند حوالي 63 دولارا للبرميل هذا العام، إذ يدعم توزيع اللقاحات الطلب وتواصل أوبك+ كبح الإمدادات.
وخام برنت عند 62.84 دولار للبرميل بحلول الساعة 1013 بتوقيت جرينتش يوم الخميس.
وقال رافي بهاتيا المحلل لدى ستاندرد آند بورز جلوبال إنه إذا قادت الإستراتيجية إلى زيادة استثمارات الشركات الكبيرة في الاقتصاد وتنويع الموارد ونمو أكبر، فإن هذا سيدعم بدوره الإيرادات المالية في المدى المتوسط.
وقال المتحدث باسم وزارة المالية إن من المستبعد حدوث تغيير كبيرة في خطط الانضباط المالي متوسط الأجل التي وردت في ميزانية 2021.
وتابع “نتطلع إلى العمل في شراكة مع القطاع الخاص عبر سبل مختلفة مثل الشراكات بين القطاعين العام والخاص، والخصخصة وغيرها من سبل تحويل الإنفاق الرأسمالي بدرجة أكبر عن عاتق الحكومة خلال هذه الفترة”.
فجوة تمويل
يأتي برنامج الاستثمار المحلي السعودي فيما يظل الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة دون القدر المستهدف.
وبلغ إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر العام الماضي 5.5 مليار دولار لكن الخطة التي أعلن ولي العهد خطوطها العريضة تتوقع تدفقات من الاستثمارات الأجنبية المباشرة تتجاوز 500 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة.
وقال صليبا من بنك أوف أمريكا إنه حتى لو نحينا هذا جانبا، فإن تحقيق أهداف الاستثمار المحلي سيكون صعبا.
وقال “يبدو أن القسم الأكبر من برنامج الاستثمار سيضم القطاع العام بمفهومه الأوسع (مثل صندوق الاستثمارات العامة وأرامكو السعودية وسابك)، لكن تظل هناك فجوة تمويل”.
كان صندوق الاستثمارات العامة قال إنه يستهدف استثمارات سنوية 150 مليار ريال بين 2021 و2025.
وتمديد هذا المعدل حتى 2030 سيرفع استثمارات الصندوق الإجمالية إلى 1.5 تريليون ريال بين 2021 و2030.
وقال صليبا “يشير هذا إلى أن استثمارات صندوق الاستثمارات العامة ستحتاج لأن تصل إلى مثليها حتى تبلغ مستوى الثلاثة تريليونات ريال، وهو هدف يبدو طموحا للغاية في تصورنا”.
قال ولي العهد إن صندوق الاستثمارات العامة يعتزم التخارج من بعض حصصه في الشركات والمشاريع المحلية وإن أرامكو، التي أُدرجت في 2019، ستبيع مزيدا من الأسهم لدعم خزائن الصندوق.
يمول صندوق الاستثمارات العامة نفسه عبر ضخ رأس المال من الحكومة وتحويل أصول حكومية والاحتفاظ بأرباح الاستثمارات ومن خلال الاستدانة.
ولم يرد الصندوق على طلب للتعليق.
(الدولار = 3.7503 ريال سعودي)
(شارك في التغطية يوسف سابا; إعداد دعاء محمد للنشرة العربية; تحرير أحمد إلهامي)
Reuters, the news and media division of Thomson Reuters, is the world’s largest international multimedia news provider reaching more than one billion people every day. Reuters provides trusted business, financial, national, and international news to professionals via Thomson Reuters desktops, the world's media organizations, and directly to consumers at Reuters.com and via Reuters TV.